كشوفات علمية في الظواهر المغناطيسية ( بيوتر كابيتسا )

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اهتم بدراسة موضوع علم الظواهر المغناطيسية، وعمل ( بيوتر كابيتسا ) في مختبر القمر في جامعة كامبريدج بإنجلترا. وبعد عودته من جديد إلى بلاده في العام 1934 أصبح مديرا لمعهد الفيزياء في موسكو.، اكتشف الميوعة الفائقة للهيليوم. وحصل على جائزة نوبل في الفيزياء على الاختراعات والاكتشافات الأساسية التي قام بها في فيزياء الحرارة المنخفضة.

ولد كابيتسا في كرونشتادت لأب كان يعمل مهندسا، عاش فترة المراهقة في مدينة سانت بطرسبرغ ودرس فيها الفيزياء وتخرج عام 1918. اشتغل ابتداءً من عام 1921 لدى إرنست رذرفورد في مختبر كافنديشالتابع لجامعة كامبردج البريطانية، كمدير وكان مهتما بدراسة موضوع علم الظواهر المغنطيسية وهي ظاهرة يتميز بها حجر المغناطيس الطبيعي أو المغناطيس المصنع وهي واضحة جدا للعيان في ظاهرة الجذب لبعض المواد ذات مغناطيسية حديدية، ومن خلال الدراسة تبين أن المواد المغناطيسية تتكون من حبيبات مغناطيسية بذاتها حيث تتخذ الذرات المغناطيسية اتجاها واحدا، ولكن توزيع اتجاه مغناطيسية الحبيبات يكون عشوائيا في المادة بحيث تكون محصلة مغناطيسيتها صفرا. بينما تترتب في حالة المغنطة في أتجاه واحد تحت تأثير المجال المغناطيسي الخارجي.

وتعود ظاهرة المغناطيسية إلى مغناطيسية ذرات بعض العناصر مثل الحديد والكوبلت والنيكل وجزيئات تدخل فيها تلك العناصر (سبائكها). ففي الحديد مثلا توحد إلكترونات المدار الذري 3d اتجاه عزمها المغزلي المغناطيسي وتصبح ذرة الحديد مغناطيسا صغيرا. يحدث ذلك التوجه في العناصر الحديد والكوبلت والنيكل وتصبح كل منها مغناطيسا ذاتيا رغم الميوعة الفائقة للهليوم.

اكتشف كابيتسا الميوعه الفائقة للهيليوم وهو عنصر كيميائي لا لون له ولا رائحة وعديم الطعم. يـأتي بعد الهيدروجين مباشرة في الجدول الدوري للعناصر، حيث تحتوي نواة ذرته على 2 بروتون و 2 نيوترون ويسمى الهيليوم-4. كما يوجد له نظير تحتوي نواته 2 من البروتونات و 1 بروتون يسمى الهيليوم-3. وهو من العناصر الخاملة أو النبيلة (الغازات النادرة)، وبسبب خموله الكيميائي لا توجد جزيئات له، فهو يوجد دائما في صورته الذرية ، له أقل درجات الغليان والانصهار مقارنة ببقية العناصر، وهو لا يوجد إلا في الحالة الغازية باستثناء ظروف خاصة جدا. وهو ثاني أكثر العناصر انتشارا في الكون وتكون خلال الانفجار العظيم، كما تزداد نسبة وجوده في الشمس عن طريق الاندماج النووي للهيدروجين.

توجد كميات ملموسة منه على الأرض وهي موجودة فقط في الغاز الطبيعي. يستخدم الهيليوم في تطبيقات علوم درجات الحرارة شديدة الانخفاض، وفي أنظمة تنفس الغواصيين، ولنفخ البالونات. والهيليوم غاز غير سام وليس له تأثير بيولوجي على الكائنات الحية.
كما يستخدم الهيليوم للمناطيد الضخمة والبالونات، لأنه أخف من الهواء فهو ثاني أخف غاز موجود، كما أنه لا يحترق أو ينفجر مما يجعل منه خيارا مناسبا لمثل هذا التطبيق.

صوت الإنسان الذي استنشق هواء فيه تركيز ملموس من الهيليوم، يصبح عالي الدرجة (من النعومة والجهارة، فيسمع كان فيه شيء من التزمير)، وذلك يعود إلى أن سرعة الصوت في الهيليوم أكبر بثلاث مرات من سرعته في الهواء العادي، مما يؤدي إلى زيادة تردده عند وصول موجات الصوت إلى الهواء العادي، ولكن التعرض لاستنشاق تركيزات عالية من الهيليوم قد تودي بالحياة بسبب نقص الأوكسجين.

يستخدم خليط الهيليوم مع الأوكسجين والنيتروجين لملء قوارير هواء تنفس الغواصين في الأعماق الكبيرة لأنه يساعد في منع التسمم الأوكسجيني والاستبدال النيتروجيني (دخول النيتروجين إلى الدم بدل الأوكسجين الأمر الذي يؤثر على عمل الأعصاب ويعطي تأثيرا شبيها بالسُكر) تحت ضغوط الأعماق الكبيرة.

يستخدم الهيليوم في بيئات تنمية البلورات الدقيقة في الظروف الحساسة لأنه لا يتفاعل .
درس كابيتسا فيزياء الحرارة المنخفضة والتي هي فرع من الفيزياء يُعنى بإحداث درجات الحرارة الدُّنيا ودراسة آثارها في مختلف المواد. وهذه الدرجات هي درجة الصِّفر المُطلَق absolute zero والدرجات التي تقاربها. والواقع أن المادة تتكشَّف في هذه الدرجات عن خصائص مدهشة، من مثل فَرط المُوَصِّليّة superconductivity الذي يُفقد المادة كامل مقاومتها الداخلية لسريان الكَهرباء، تقريباً. فإذا مَا مُرِّر تيارٌ كهربائي في دارة circuit سرى هذا التيار على نحو غير محدود. وإذا ما رُبط سلكٌ موصِّل بحيث يشكِّل ملفّاً coil حدثت تيارات مُمَغنِطة قوية إلى حدّ هائل. وفي هذه الدرجات الحرارية المنخفضة تنعدم الضجة الداخلية في الدارات الكهربائية، ويصبح في استطاعة الأداة المستخدَمة أن تلتقط وتكبِّر أضعف الإشارات وقد كان لريادة الفضاء space exploration أثرٌ كبير في إثارة اهتمام العلماء بدراسة مبحث الحرارة المنخفضة.

مواقف واوسمة وجوائز

في اكتوبر/تشرين الاول من العام 1941 لفت كابيتسا اهتمام الرأي العام العالمي بتحذيره عن احتمال تصميم قنبلة ذرية. ورفض كابيتسا المشاركة في العمل على تصميم القنبلة الذرية السوفيتية مما تسبب في اعفائه عن منصب مدير معهد الفيزياء ووضعه تحت الاقامة الجبرية بمنزله لمدة 8 سنوات . حيث تم منعه من الاتصالات مع اصدقائه وزملائه في البحوث الفيزيائية ، فاضطر الى الانعزال في منزله الصيفي بضواحي موسكو حيث اعد مختبرا صغيرا للابحاث العلمية. تضم شتى المجالات، وبينها دراسة مواصفات البلازما وهندسة الهيدروديناميك لطبقات السائل الرقيقة وطبيعة البرق الكروي والمولدات العاملة على الميكرفولنيا .

ومن اهم مجالات بحوثه العلمية هو العمل على تصميم مفاعل نووي حراري.
حصل كابيتسا في العام 1965 على ترخيص بالقيام بسفرات خارجية، فزار في العام 1965 الدنمارك لمنحه ميدالية نيلس بور الذهبية. وارتاد مختبرات فيزيائية والقى محاضرات في موضوع فيزياء الطاقة العالية.

وزار عام 1966 بريطانيا حيث التقى باصدقائه وألقى خطابا امام اعضاء جمعية لندن الملكية. كما قام عام 1969 بزيارة الولايات المتحدة .

حاز كابيتسا عام 1978 على جائزة نوبل في مجال الفيزياء لقاء الاكتشافات والاختراعات في علم فيزياء درجات الحرارة المنخفضة.. توفي بيوتر كابيتسا في 8 ابريل/ نيسان عام 1984 . وتم تكريمه بعدد كبير من الانواط والالقاب الدولية. وانتخب عضوا في اكاديمية الولايات المتحدة الامريكية ومعظم الدول الاوروبية.

المصدر: جريدة الصباح