كيف اكتشفت الحركة السريعة للعينين أثناء النوم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يعد ناشانيال كلايتمان ( Nathaniel Kleitman ) بحق الجد الأصيل للأبحاث الحديثة في النوم. ولكنه كان قد هاجر من موطنه في روسيا خلال الحرب العالمية الأولى ليستقر في شيكاغو حيث وهب نفسه للبحث التجريبي والنظري في النوم. وكتابه ( النوم واليقظة ) الذي نشر لأول مرة في سنة ١٩٣٩ والذي تمت مراجعته في سنة 1963, يتضمن عددا يزيد على أربعة آلاف إشارة إلى المراجع ولا يزال عملا كلاسيكيا في أبحاث النوم.

وفي عام ١٩٥٢ أصبح كلاتيمان مهتما بتلك الحركات البطيئة المرتبطة بدوران العينين والتي تصاحب عادة بداية النوم , وكلف واحدا من طلاب الدراسات العليا من تلاميذه وهو يوجين آزرنسكى ( Eugene Aserinsky ) مهمة الدراسة الدقيقة لهذه الظاهرة. على أن حركات العينين كان يتم تسجيلها عن طريق وضع الأقطاب على جلد الوجه بعد العينين مباشرة لرصد السجل - الكهربي للعينين - ( س ك ع ). لكن الذي أدهش آزرنسكى أن يلاحظ تغيرات في السجل الكهربي للعينين بعد أن يكون المفحوصون قد استسلموا للنعاس بفترات زمنية طويلة; وكانت هذه التغيرات تشبه حدوثا مفاجئا لحركات العين السريعة جدا.

وقد تم استقبال هذه النتائج غير المتوقعة بشيء متوقع من التشكك من جانب البروفيسور كلاتيمان, على أساس أن حركات العين السريعة لم يكن يعرف عنها حتى الآن إلا أنها تقع عندما يكون الناس في اليقظة وعندما يقوم الناس بتغيير الاتجاه الذي يصوبون أنظارهم إليه.

ومع ذلك أدت الملاحظة المباشرة للمفحوصين النائمين إلى تأكيد أن عيونهم كانت بالفعل تتحرك في محاجرها من خلف الجفون المغمضة. وبدأ وليام ديمنت ( William Dement ), الذي كان واحدا من تلاميذ كلايتمان ثم مضى فيما بعد ليصبح رائدا من رواد البحث الحديث في هذا اﻟﻤﺠال, وقد أجرى أبحاثا منظمة متصلة عن هذه المظاهر. وتبين له في السنوات التالية أننا لو أيقظنا المفحوصين خلال تلك المرحلة من النوم التي تقع فيها الحركات السريعة للعين, لوجدناهم يقولون انهم كانوا في غمرة حلم من الأحلام. ثم انقضت عدة سنوات من قبل أن يتأكد للباحثين أن الحركات السريعة للعينين لا يمكن أن تكون مجرد ظاهرة عابرة.

والواقع أنهم أدركوا عند ذلك أن مرحلة أو طورا جديدا من أطوار النوم قد تمكن الكشف عنه. وأصبح حدوث الحركات السريعة للعينين في هذه المرحلة أو الطور سببا في ظهور المصطلح نوم - الحركة السريعة للعينين -( ح س ع ) الذي نراه اليوم كثيرا الشيوع والاستخدام.

المصدر: أسرار النوم, تأليف الكسندر بوربلي ص 31 - 32